الرئيسية » أمنية » معلومات ثمينة قد يعثر عليها في جثث إرهابيي «داعش»

معلومات ثمينة قد يعثر عليها في جثث إرهابيي «داعش»

مايكل غوردن NODROG.R LEAHCIM صحيفة نيويورك تايمز ثمان وأربعون جثة لإرهابيي “داعش” كدست فوق بعضها البعض بالقرب من مشرحة مستشفى كركوك ومضى الطبيب العدلي في تنفيذ مهمته، مهمة استخراج ما يمكن استخراجه من معلومات لها علاقة بهجوم التنظيم المفاجئ على المدينة. واحدة بعد اخرى كانت الجثث تخرج من اكياسها السود لكي يمكن اخذ بصمات الاصابع والحامض النووي والاحتفاظ بها. فهذه الجثث سوف تحرق ما لم يتقدم احد الاقارب للمطالبة بها. في غضون ذلك تعكف وحدة محلية من وحدات مكافحة الارهاب على التنقيب في الهواتف النقالة التي كان يحملها الارهابيون بحثاً عن اية بيانات يستدلون منها إن كان احد أهالي كركوك قد اجرى اتصالاً بهؤلاء. من كل هذه المعلومات يحاول افراد الوحدة استنباط ما إذا كانت المدينة عرضة لخطر التسلل أو لهجوم جديد. وقال بولاد طالباني، قائد قوة مكافحة الارهاب الكردية التي استدعيت من السليمانية للمشاركة في القضاء على الهجوم الذي ضرب عمق المدينة قبل فجر يوم 21 تشرين الاول: “ما فعلوه في كركوك كان اسوأ ما شهدناه.” ويقول المسؤولون أن 116 شخصاً قد استشهدوا في الهجوم، بينهم 43 من رجال الشرطة و33 من مقاتلي البيشمركة مع عناصر تابعين لقوات امنية اخرى، و21 مدنياً بينهم عدد من الفنيين الايرانيين العاملين في محطة الكهرباء القريبة. اضافة لذلك جرح نحو 265 شخصاً. يومها كانت العيون موجهة صوب الموصل حيث تزحف القوات العراقية للضغط على المدينة الخاضعة لسيطرة “داعش” من شمالها وشرقها وجنوبها. بيد ان هجوم الارهابيين المباغت على كركوك، تلك المنطقة الغنية بالنفط، يفتح امامنا منفذاً على ستراتيجية “داعش” التي تعتمد اسلوب الضرب في مناطق اخرى بينما الموصل تتعرض للحصار. صورة الهجوم، التي امكن اعادة بنائها من خلال مقابلات اجريت في كركوك نفسها وفي السليمانية، تبين أن هجوم “داعش” الاخير كان طموحاً ومخططاً له بعناية. فقد تحرك المقاتلون منذ البداية مستهدفين السيطرة على مقر الحكومة المحلية مع عزل قوات شرطة الطوارئ التابعة للمدينة داخل قاعدتها فلا تستطيع التدخل. قوات التحالف المدعومة من قبل اميركا التي تقاتل “داعش” في العراق قد تكون فوتت فرصة ثمينة لاستباق هذا الهجوم قبل وقوعه عندما اجلت العمل بخطة لاستعادة بلدة الحويجة القريبة التي تسيطر عليها “داعش”، إذ يبدو أن الحويجة هذه كانت هي القاعدة التي انطلق منها بعض من شاركوا في مهاجمة كركوك. وقال المسؤولون: ان تقارير مخابراتية كانت قد وردت في وقت سابق من ذلك الاسبوع تفيد بأن مقر الحكومة قد يتعرض لهجوم، ولكن تبين لاحقاً أن العملية كانت اوسع بكثير مما توقعه المسؤولون. ذلك أن نحو 100 مقاتل من “داعش” تحركوا من بلدات مثل الحويجة وتجمعوا في موقع قريب من داقوق حيث التحقت بهم في وقت مبكر من فجر يوم 21 تشرين الاول سبع شاحنات يقودها سائقون يبدو أنهم على معرفة بكركوك. وقال المسؤولون: ان هؤلاء المقاتلين تحركوا بسرعة للسيطرة على مواضع ذات اهمية تكتيكية من بينها البنايات المرتفعة خارج مقر شرطة الطوارئ ثم راحوا من هناك يستخدمون نيران القناصة لسد الطريق على قوات امن كركوك. في الوقت نفسه اتخذ آخرون مواضع في فندق الصنوبر اتاحت لهم أن يشرفوا على المنطقة الحكومية المحصنة من موقع سيطرة. عندئذ اتصل المحافظ بلاهور طالباني، رئيس جهاز المخابرات في كردستان، الذي بادر مع اخيه بولاد، الضابط في قوة مكافحة الارهاب، بالتحرك من السليمانية الى كركوك على وجه السرعة. ولكن يبدو أن “الدواعش” قد تحسبوا لوصول تعزيزات من السليمانية، كما يقول المسؤولون، فأعدوا كمائن تصدت لها بقذائف “آر بي جي” وغيرها من الاسلحة حتى اضطروها الى اتباع مسار دائري اطول. كذلك اخذ الارهابيون يشنون هجمات انتحارية بالسيارات المفخخة على الخطوط الامامية لقوات البيشمركة في مسعى لتثبيتها ومنع الاستعانة بها في الدفاع عن كركوك. وقال بولاد طالباني: ان المهاجمين لم يكونوا جميعاً من عرب العراق بل كان بينهم بعض الكرد بالاضافة الى ارهابيين من اليمن. وان عددا من ارهابيي “داعش” الذين قتلوا في كركوك كانوا يحملون معهم اجهزة “جي بي أس” لتحديد المواقع. يبدو أن الهدف السياسي الابعد وراء العملية كان استثارة حركة تمرد، بالاضافة الى الاستيلاء على مقر الحكومة ولو لبرهة قصيرة مؤقتة. ولاجل تعزيز الهدف الاعلامي للهجوم بث شريط “فيديو” على موقع «يوتيوب» ادعى أن الناس في الموصل مبتهجون احتفاء بالانتصارات التي حققها مقاتلو “داعش” في كركوك. ردت قوات مكافحة الارهاب الكردية على ذلك كله باستخدام الطائرات المروحية التي فتحت النار على مواضع القناصين فوق المباني العالية وبمحاذاة الطرق الرئيسة. كذلك امتلأت الشوارع بحشود من المتطوعين المحليين وأخذ بعض الاهالي من الكرد المحليين يطلقون النار بلا قيود على ارهابيي “داعش” كما يقول المسؤولون. اربع عشرة طالبة في احدى المدارس المسيحية وجدن انفسهن فجأة وسط المعمعة عندما اقتحم مقاتلو “داعش” القسم الداخلي الذي يقمن فيه بالقرب من فندق الصنوبر. يقول أبو دريد، وهو المشرف على الكنيسة في المنطقة: انه ابلغ الطالبات بأن يغلقن هواتفهن ويختبئن بأفضل ما يستطعن، وكان معنى هذا في مثل حالتهن الاختباء تحت أسرتهن. وما أن فعلن ذلك حتى دخل الارهابيون المبنى. تقول احدى الطالبات، وعمرها “22 عاماً” وتسمي نفسها باسمها الاول، مارلين: “كنا مرتعبات للغاية.” وبينما هي تناضل لكتم اي صوت يصدر عنها دخل أحد “الدواعش” المطبخ وبعد ذلك جلس على سريرها لالتهام الطعام الذي عثر عليه. تقول مستطردة: “حبسنا انفاسنا ولم يعد بمقدورنا فعل شيء غير الابتهال والدعاء.” بعد فرار الارهابيين، عدا من فجر حزامه الناسف في الطابق الاسفل، ساعدهن مشرف الكنيسة على الخروج الى مكان آمن. بيد أن المدنيين الذين حضروا مجلساً للعزاء في داقوق كانوا اقل حظاً، اذ استشهد وجرح اكثر من عشرة اشخاص بضربة جوية. وتحدثت منى، عمرها “28 عاماً”، وهي من اهالي داقوق ورأسها لا يزال معصوباً بالضمادات فقالت: “كان الأمر مثل صعقة كهربائية لنا. حاولت الزحف قليلا ولكنهم حملوني الى احدى السيارات. لم نكن ندري ماذا سنفعل.”من ناحية اخرى ورد في التقارير أن احد كبار قادة “داعش”، واسمه المستعار هو “ابو اسلام”، قد وقع في الاسر. هذا الشخص معروف جيداً لدى مسؤولي الامن الذين يقولون انه كان يشارك منذ وقت طويل في الهجمات التي شنها تنظيم القاعدة في العراق على القوات الكردية في معارك سابقة. ويقول المسؤولون في كركوك انهم مسرورون لتمكنهم من صد الهجوم رغم فداحة الثمن. الا ان محافظ كركوك نجم الدين كريم نفى حدوث تهجير للعائلات العربية، ولكنه اشار الى أن مظالم العرب السنة التي استغلها “داعش” لم تلق اذناً صاغية. وقال المحافظ متحدثاً عن مستقبل الجماعة الارهابية: “ما لم تحل المشاكل السياسية فإنهم سيعودون تحت اسم القاعدة أو النقشبندية.”

اترك رد