الرئيسية » مقالات متنوعة » فيس بوك .. التنمّر ووهم النجومية

فيس بوك .. التنمّر ووهم النجومية

Avatar

احمد زكي

كأي موظف عراقي اعتادت خلاياه واعضاءه على الاستيقاظ “لا اراديا “قبل السابعة والنصف للتهيؤ للدوام الرسمي ، صحوت كالعادة وجرتني اقدامي المخدرة ورأسي الثقيل الى الحمام ، وقفة منعشة تحت الماء البارد ابتسمت لها الشرايين وكريات الدم بلونيها وكل ذراتي معلنة انتهاء الخدر والاستعداد لفطور صباحي سريع وكوب شوي هيأ الاوعية الدموية والرئتين لاستقبال اول ” جگاره ” وكأي عراقي استنشقت سمّها اللذيذ بشراهة وحماس وانا اتصفح فيس بوك بعد أن اغلقته في الثلث الأخير من الليل على شكوى ذاك وشتيمة الاخر وامتعاض غيره واغنية ام كلثوم التي اعتاد احد اصدقائي ان يختم بها تواجده على الحالة النشطة ، تصفحت فيس بوك ووجدت كما وجد ملايين العراقيين امثالي عشرات المنشورات المستفزة ومثلها من منشورات التخدير بالصبر والرضا وغيرها ومنشورات الردح والتصفيق ومثلها من منشورات السب والقذف والشتيمة رصاصات طائشة في كل الاتجاهات لابد أن تصيبك احداها .. تركت فيس بوك وتجولت في يوتيوب اخترت اطول مقطع لفيروز وتركت لصوتها مهمة اعادة حالة الاسترخاء الى شراييني .

كالعادة كان ( استكان الچاي ) قد برد كثيرا فاستعنت بأخر يصلح لاستقبال الـ ( جگاره الثانية ) رشفتين سريعتين وتوجهت الى الدوام .

فيس بوك احد اكبر المنغصات اليومية المتعبة للشرايين والسبب الرئيسي المباشر لكل خلافاتنا ومشاكلنا الاجتماعية المعلنة او المسكوت عنها مؤقتا ، وهو الآفة التي لايمكن التخلص منها واستئصالها من اجهزتنا الذكية لانها ايضا مصدر رئيسي ومهم وسريع للاخبار والاحداث والتفاعل المباشر معها ، لذا لا يمكن التخلص منها الا اذا استطعنا التخلص من ادراكنا لاهمية التفاعل مع الاحداث اليومية وذلك مستحيل ، شخصيا توصلت الى حل قابل للتنفيذ حاليا وربما يمكن تطويره اكثر واكثر اذا ما كانت نتائج التنفيذ مرضية ، قررت ادارة عملية تواجدي على فيس بوك ، البدء بتخفيض عدد ساعات تواجدي على البرنامج الى 4 ساعات يوميا كحد قابل للتنفيذ ومن ثم يمكن تخفيض المدة اكثر لاحقا ولكن ذلك لا يعني إتهام البرنامج بالسوء المطلق بقدر ماهو اعتراف بحالة الادمان التي وصلنا اليها والاستسلام الى كم الكراهية والحسد والنميمة والسب والشتم التي تطفح بها المنشورات اليومية .

احاول البقاء  في بؤرة مايجري وخارج مرمى الرصاص الطائش .

هامش:

قال : هل تجدني عدائيا على فيس بوك؟

قلت : اجدك الطف مايكون على الواقع

قال : اكرر .. هل تجدني عدائيا على فيس بوك ؟

قلت : نعم .. اسمك المزيف جعلك تمارس سلوكا لم اعهده فيك ..

قال : ما الحل ؟

قلت : عد الى طبيعتك ، الى واقعك ، اياك ان تُخدع بكم المتابعين المصفقين على صفحتك الشخصية ، اياك ان تسقط في فخ وهم النجومية ، فيس بوك وهم .. نجاحك الحقيقي مع الناس هو ان تكون حقيقيا معهم، فيس بوك عالم الكتروني وانت كائن رقمي تتوهم شخصيتك ” الفيسية”.

اترك رد