علاء سعدون
من الغريب إن جدي رغم كِبَر سنّه وضعف عينيه ما دخلت عليه إلا ووجدته يشاهد الأخبار ويهتم لها!
جدي الذي لا يحتاج إلا لمساحة متر واحد من هذه الارض يصلي عليها اليوم، ومثلها غداً يرقد فيها .. لماذا يتابع ويحلل ويتحدث ويغضب .. ؟
ربما لانه يعرف قيمة هذه الأرض وهذا البلد جيداً فقد شهد كثيراً من الأحداث خلال سنين عمره الثمانين .. شهد زوال محتلين وسقوط طغاة ومن تبعهم وتعاون معهم، وخلود آخرين بفعل الخير والإنسانية والمحبة .. وتعلم إن الفلاح الجيد ينفع وينتفع، وبه تُسعد الأرض، أما الكسول المتخاذل فتلعنه الأرض مراراً .. وإن المرء الذي يبحث عن لقمة عيشه لا بد أن يختار صنعة تصلح له ويجيدها، وإن وجد نفسه لا يصلح لها تركها وبحث عن غيرها دون ضرر أو ضرار ..
عندما علم جدي بأني أعمل في مجال الصحافة حملنّي رسالة صغيرة وبلهجة عراقية مملوحة قال لي:
“جدي، إنت مو تشتغل بهاي الجرايد ومدري شنو، وتلتقي بذوله الخواجات السياسيين اريدك تكلهم شغلة وحدة : كلهم يرجعون منين ما اجو هاي الكاع مو ألهم، الغربة تضيع الأصل، والأم الربت مو الولدت، خل يقرون تاريخ العراق زين، ويدورون صنعة غير السياسة، ذوله ناس جاي يحضرون ويلهم بيدهم، الكرسي مو ألهم والخيل لخيالها، وهذا الوكت موعودين بي، والفطن الي يلتفت لروحه ويحسن خاتمته بافعاله مو ينتظرها تتحسن ومو إلي ياكل حقوق الناس ويلعب بمقدراتهم ..”
صَدَقَ جدي.