سناء عمران موسى الربيعي: معلمة تهادن الابتلاء بالصبر والعمل

حوار: جاسم عباس

غالباً ما نسمع عن مفردة الجهاد او الكفاح فيتبادر ذهننا الى ساحات الوغى الى الحاملين سلاح الشرف للدفاع عن الوطن والكرامة ولن يغيب عن اذهاننا الجهاد الاخر الذي اختصت به النساء في بيوتهن.

فالجهاد القتالي ضد العدو هو فريضة من الله لتستمر الحياة بعزة وشرف ولكن هذا الجهاد او الكفاح تجسد بصورة اخرى في امرأة  بكل معانيه الحقيقية واليوم اعرض لكم قصة سيدة عراقية ابتليت بمرض السرطان فصبرت واحتسبت.. ومن يراها يشعر بمشاعر عجيبة انها تُلهمُ الصبر بشجاعة ايمانها وتمنح النفوس البسمة ببشاشة وجهها.

انها اسطورة الصبر والكفاح من بلدي العراق, لنأخذ منها العبر ولنتعلم من كفاحها مع المرض وقوتها كفاح اليأس والضعف.

صحيفة المنتصف تسافر بكم من خلال هذا الحوار الى مدينة المسيب وبالتحديد مدرسة السبطين للبنات لنلتقي بالمعلمة الفاضلة الست سناء عمران موسى الربيعي معلمة مادة العلوم للصف الخامس والسادس الابتدائي

المنتصف:  بداية نحن نعلم ان المرض يُعيق الانسان عن كثير من الأمور فكيف اذا كان مرض خطير ماذا تخبرينا عن تجربتكِ؟  

– هذه عطايا من الله والعطايا تأتي على هيئة بلاء أحياناً 

وقد أصبت بهذا المرض قبل ثلاثة سنوات عافاكم الله الذي يحمل بأوجاعه الموت وفِي كل جرعة كيماوي يُصافح المريض به كف عزرائيل.

المنتصف: عندما عرفتي انكِ مصابة بالسرطان ماهي ردة فعلك؟

  • امنت انه قدر من الله ورضيت به والحمد لله على كل شيء وكل ما يأتي من الله هو قدر مقدر منه لكل انسان.

المنتصف.. كم بقيت في المستشفى وماهي مراحل علاجك؟

– بقيت في المستشفى لأكثر من سنة أعاني على المستوى المادي والمعنوي والحديث عن الآلام جراء تناول جرعات الكيماوي حديث لا يشعر به الا من عاشه وقد تحسنت حالتي عندما اخبرني الاطباء ان مرضي ليس بمرض السرطان أو الخبيث وان التشخيص القديم  لم يكن دقيقاً مع كل ذلك لم أستطع مواصلة  العلاج لضعف الحالة المادية وخصوصاً انني امرأة أرملة وليس عندي اولاد وأهلي هم من يعيلني ورحمة الله ولطفه عز وجل ولكن المرض اقعدني على الكرسي المتحرك كما تشاهدني الان.

المنتصف: عندما أقعدك المرض على الكرسي المتحرك هل اثناك ذلك عن مواصلة عملك كمعلمة؟

– بالعكس لم يثنني  المرض عن مواصلة عملي وقد زادني ذلك قوة وإصراراً وتحدي وقد واصلت عطائي فسعادة الانسان ان يصبر على ما يريد وقمة ارادتي ان ابذل كل ما بوسعي لأقدم كل ما اقدر عليه من اجل نسب النجاح العالية لكل التلميذات.

المنتصف: هل شعرتِ يوماً بالاستسلام والتخلي عن عملكِ وملازمة المنزل؟

– المريض بالذات يجب ان لا يزوره هذا الشعور لأنه شعور مؤلم بحد ذاته؛ لذا بقيت على امل وتفاؤل بأن المرض لا يشل الانسان فإرادة الانسان فوق المرض  وقد علمني هذا الالم ان الإنسان يمكنه من خلال ارادته تحقيق ما يشاء بكل حالاته.

المنتصف: ما هو شعورك وانتِ تأتين الى الدوام على كرسي متحرك؟

– بالنسبة لي اختيارات الله جميلة مهما بلغت معاناتنا ولأني اخترتُ التدريس مهنة فكانت تلك المهنة رسالة وجب علي تأديتها ما حييت بكل الوسائل فأنا لا امتعض من كوني آتي على كرسي متحرك الى الدوام لأني اشعر براحة اني أُنجز عملي وأوصل رسالتي الى الطلاب المحتاجين للعلم الذي هو اساس قوام المعرفة.

المنتصف: ما هي أُمنيتكِ الان؟

– الاماني كثيرة لكنني اشد ما أتمناه هو أن يعم الامن والامان في بلدي وأن يشفى جميع المرضى وأمنيتي الخاصة ان تجرى لي عملية لرفع الورم الموجود في منطقة الحوض لكي تهدأ الالام التي لا تفارقني وتسلب مني الراحة هذه الايام.

في الختام أشكركِ سيدتي على هذا اللقاء الذي ترك في نفسي أثراً لا يوصف فنحن لا نعاني من أمراض ولا نمشي على كرسي ولا نصل لدوامنا بصعوبة ومع ذلك نشعر احيانا بالملل أو الياس من مصاعب الحياة. لقد علمتني درساً لن انساه وهو ان العطاء لا يحتاج الى جسد سليم ولا إلى مقومات تحمله فيمكن للإنسان ان يُعطي فقط اذا اراد.