ميدانكم الاول في الاصلاح انفسكم.

من يتابع آثار جهاد النفس يجدها تتجاوز بإيجابياتها الاطار الديني الى الدنيوي ايضا ، فهو اساس التقدم الحضاري ، ومنطلق التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي .
فالسياسي الذي يحاول خدمة شعبة وبلده.
والقائد الامني الذي يبحث عن الامن والاستقرار والقضاء على الجريمة والارهاب.
والتاجر الذي يطمح الى ارباح مادية مشروعة .
والعالم الذي يرغب في نتائج مخبرية جيدة.
والطالب الذي يسعى لمراتب علمية عالية.
جميع هؤلاء وغيرهم يلزمهم قدرا من جهاد النفس ،فيؤثروا الجد على الكسل والاجتهاد على الراحة والاقدام على الاسترخاء والذوبان في حب الوطن وابنائه دون تمييز …. حتى يصلوا الى اهدافهم .
وما يهمنا اليوم هو المصلح الذي ينشد تغيير الواقع الفاسد . عليه ان يجاهد نفسه في مراقبتها ومحاسبتها وتطهيرها وتزكيتها . لان من ينتصر على نفسه يستطيع ان ينتصر على الاخرين ومن يقدر على تغيير ذاته يستطيع ان يغير ذوات الاخرين .
((ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم)).
لو طبق هذا المبدأ القرآني في بلدنا لاصبح الحال غير الحال ولما وصلنا الى هذا الواقع المأساوي.
للاسف اكثر السياسيين واصحاب القرار الموظفين في حكوماتنا المتعاقبة نلاحظهم ينادون بالاصلاح والبناء والتقدم . ولاكنهم في حقيقة الامر لايؤمنون بما يقولون وكلامهم مجرد لقلقة على الالسن وترويج دعائي انتخابي فبمجرد وصولهم لمنصب معين لايستطيعون كبح جماح شهواتهم وغرائزهم للاستأثار بالثروة والجاه والسلطان على حساب الشعب الجريح. مما سبب عدم الاستقرار وجعل البلد ساحة للصراعات وبؤرة للفساد.
نحن مع اي شخص وطني ينادي بالاصلاح ويحاول القضاء على الفساد والمفسدين ولكن بشرط ان يعم الاصلاح كل مفاصل الدولة بدءا من الرئاسات الثلاث وانتهاءا باصغر موظف .من خلال تطبيق القانون والعدالة .
ان اصلاح البلد ليس بتغيير او استبدال وزير مفسد فحسب وانما تقديم المفسدين للعدالة مهما كان فسادهم بسيطا . ولا يمكن ذلك الا اذا حاسب الفرد نفسه واصلح ذاته وجعل مصلحة الوطن قبل مصلحته.
ونختم بقول امير المؤمنين الامام علي (ع) الذي يعتبر سر نجاح الفرد والاسرة والمجتمع والدولة عموما.(ميدانكم الاول انفسكم فان قدرتم عليها كنتم على غيرها اقدر . وان عجزتم عنها كنتم على غيرها اعجز .فجربوا معها الكفاح).