الرئيسية » مقالات الطلبة » لم يعد خير جليس ..

لم يعد خير جليس ..

علاء سعدون

في مخيلتي شيء عن المكتبات القديمة، عن سحرها وجمالها، عن هيبتها وتألقها، وعن ذلك الرجل المحظوظ الذي يعمل فيها، عن ثقافته وإحاطته بشتى العلوم والمجالات، عن معرفته بالكتب والكُتّاب ..
كل ما كان في مخيلتي عن أمين المكتبة هو الأوفر حظاً في هذا العالم والأكثر ثقافة ودراية، ولا شك بشخصيته وأخلاقه وأدبه وهو جليس هذه الكتب وعالمه هذه المكتبة العظيمة ..
حتى ذلك اليوم الذي دخلت فيه على مكتبة صغيرة هي اكبر من حجمها ومن عالمنا بما تحتويه من الكتب المتنوعة، وسألت ذلك الشاب البائع عن كتاب كنت أبحث عنه فتفاجأت حينها وصعقت وانا اكرر سؤالي دون أن يبالي او يلتفت سوى إنه قال :” ستجده في مكان ما على هذه الرفوف .. أبحث عنه”.
كان مشغولاً بهاتفه عني وعن جميع الزبائن بل كان مشغولاً عن معبد الفكر ومعتكف المفكرين! وبساتين العقلاء وذاكرة الأنسانية ..
أين هو من ذلك العجوز الذي التقيته ذات يوم وكأنه فيلسوف العصور وقد فقد عينيه على أثر ما يقرأ، بل كان ينام في المكتبة لأيام! ولا يخفى عليه كتاب في مكتبته و تعهد بعدم بيع اي كتب قبل قراءته.

نعم نحن في أزمة فكر كبيرة وهجرة طالت عن المكتبات والقراءة .. والأكثر ادماءً للقلب هو حال امناء المكتبات اليوم وباعة الكتب يستأنسون بالتكنلوجيا ويتجاهلون جسد الثقافة والجليس الاقرب والاثمن!!

نحن في زمن ليس للكتاب قيمة سوى إنه قطعة أثرية او وسيلة لتجميل غرفة الضيوف لا غير!!

اقسم بأن حالنا اليوم وما نمر فيه من أزمات وحروب ودما ما هو إلا نتيجة غياب الوعي والابتعاد عن القراءة والثقافة وتحصين النفس وتنمية الذات .. فماذا يرتجى من بلد إسلامي عريق أصبحت فيه المقاهي أكثر من دور العلم والمكتبات!! وهل يوجد ضياع أكبر من هذا!!!

وختاماً لنعتذر من أبي الطيب .. فالمتنبي لم يتنبأ جيداً  عندما قال “خير جليس في الزمان كتاب” .. وما كان ليعلم أن خير جليس في هذا الزمان (موبايل).

اترك رد