الرئيسية » مقالات الطلبة » حين تذبح المواهب

حين تذبح المواهب

حين تذبح المواهب

أمير البير

يخلط الكثير بين مفاهيم متشابهة، حول موضوع الموهبة والتفوق الدراسي والذكاء والمثابرة، إلا ان لكل منهم مياه بحر مختلفة عن البحر الأخر .فالموهبة هي أمتلاك قدرة او أستعداد وقابلية غير مألوفة في مجال من المجالات العقلية والابداعية وهي هبة من الله سبحان وتعالى، إذ أن كل إنسان لديه موهبة من طفولتهِ مدفونة في أعماقهِ، لكن كيف نُحييها ونخرجها ونتعرف عليها؟ أو كيف نقومها بشكل صحيح؟ فلو تمكنا من معرفة هذهِ الهبة الربانية وبأي مجال تسير سيكون حينها أكتشافنا كبئر نفط في جبل جليد يُعتبر إنجاز في وضعنا الحالي.

يتواجد الطفل في بئتين: الأولى البيت وهو الأساس والثاني هو المؤسسة التعليمية .فلو توافر في البيت أب وأم ذو أهتمام وواعيين للجوهرة التي بحوزتهم ومتابعة دقيقة لطفلهم ومحاولتهم جاهدين بالبحث في خلجات روحهُ عن موهبتهِ الحقيقية وأسطورتهِ الشخصية مع توفير الحماية السليمة للفكر قبل البدن، على سبيل المثل أن الدارج عندما يذاكر الطفل درويهِ يقوم برسم الوجوه او بعض الشخصيات على ورق المذاكرة قد تكون هذهِ موهبة تحتاج للتطوير وقد تكون مجرد أضاعة وقت أو فترة أستراحة بالنسبة لهُ لكن غالباً يكون ردة فعل ولي الأمر هو ررة فعل صارمة والنهي عن تكرار هذا الفعل من جديد وعليهِ الإهتمام بالواجبات المدرسية وترك التفاهات على عكس المطلوب وهو معاشرة ماقام بهِ ومحاولة فهمكَ لمَ فعل هكذا .. فنحنُ هكذا نطعن الموهبة بسكين الإحباط ونعمل على قتل في جوفهِ لؤلؤة مكنونة وبنسبة كبيرة يتضجور المربي من صوت طفلهِ الذي يحاول تقليد حركات المطربين والمنشدين ويتعالى صوتهِ كبلبل في صباحات نيسان.

ويكون الرد أن يكف عن هذهِ الضوضاء والإزعاج وقد يستجيب لكَ ويصمت لكنك  قتلتَ موهبة قد تكون لامعة في يوماً ما .. كم جميل لو أصبح المُربي كالرحالة كريستوف كولومبوس الذي أكتشف أرض تخلو من الحياة واليوم هي أهم بقعة إستراتيجية في العالم.

فقد يكون أسم الشهرة لطفلك أكبر من أسم أميركا .. وكثيرا ما يحدث في بلدي حين تغلق نافذة الموهبة في البيت تبقى لنا النافدة المفروض أن تكون أوسع لوجود أصحاب الأختصاص وهي المؤسسة الأكاديمية . مايحدث في المدرسة والذي عاشهُ أباؤنا وعشناه نحن أيضاً أن الطالب يذهب صباحاً لمدرسته ليجلس على مقعد مخصص لهُ ويدخل المعلم ليلقي مابحوزتهِ في غضون خمس وأربعون دقيقة ويأتي الأخر فالأخر لحين أنتهاء ساعات الدوام الرسمي ويعود الطفل لمنزلهِ كحقيبة قد وضعوا فيها أمتعة ؟ لكن مهلا!! هل هذهِ هي النافذة المختصة برؤية المواهب وأكتشاف شخصيات الطفل كنا نتأمل منها خيراً بل مانجدهُ أن الكادر التدريسي يصب أهتمامهُ بالمتفوق دراسياً والمثابر والبواقي بعيدون عنهم .. الطفل في غضون ساعات مكوثهِ في المدرسة لم يحظى بفرصة ليقول ما في صدرهِ ولا يفعل مايريد اومايحتاج ان يفعلهُ ولا يتوجه لهُ سؤال ماذا تريد أن تصبح او ماهو حلم حياتكَ ؟ نعم يتوجه هذا السؤال كما توجه علينا في طفولتنا الا أنهُ سؤال روتيني عابر لا يُعار لهُ أي أهتمام.

عدم وجود وقت مخصص وقت حُر للطفل ويقوم ويختار تصرفاتهِ بما يملي عليهِ قلبهُ فما الضير لو منحنا بعض الوقت لمي يبرز لنا على الهيئة التي يتمنى ان نراهُ بها ليبرز عبرها هوية موهبتهِ لتكون رسالة يقول فيها أنا هُنا أكتشفوني، أصنعوني أنظروا أستطيع أن أفعل هذا الأمر أفضل من صديقي .ماشهدناه في صبانا أن حصة الرياضة والمرسم والموسيقى هي حُصة مهملة دائماً ماتكون ضحية لمعلم اللغة ومعلم الرياضيات ليسرقوا من البراعم الفرصة التنفسية لهم وتسميتها حصة تافه وعليهم أن يستغلوها في مادة علمية.

لا يعلم أنه بسرقة هذه الدقائق من المحتمل إنهُ أضاع على أحد الطلبة فرصة لإبراز موهبة صادقة وكم من قلم رفيع المستوى بيد طفل او برعم فقليل الخبرة تراه يصور أجمل الصور النثرية والشعرية وعندما تُطرح على المختص يكون ردهُ بكلمات تقتل وتمزق الموهبة والرغبة للمواصلة وزعزعة الثقة وزلزلتها من الداخل .فالكثير من يستسلم أمام الإستهزاء والسخرية البادرة من حوله،ُ والبعض يمتص هدهِ السخرية ليحولها إلى دفعة من الحماس، ورشفة من الأمل بإنهُ سيصبح يوماً ما شخص ناجح في مجالات الحياة الطامح إليها، وها هو اليوم يكتب لكم هذه الحروف بعد إن قتلوا موهبتهِ في حصة (قتل المواهب

اترك رد