الرئيسية » مقالات متنوعة » العوض على الله

العوض على الله

Avatar

 

عندما كنت في سوريا أحتضنتني كلمة ” معوضين ” بشدة وخففت الشعور بالفقدان الذي لابد أن يشمل السوريين الذين غادروا وطنهم وبيوتهم  ووظائفهم وكل ما كانوا قد بنوه في حياتهم السابقة وتعايشوا معه……

” معوضين ” يقولها لك سائق سيارة الأجرة الذي قد لا تراه بعدها ابداً بينما أنت تسلمهأجرته الضئيلة ، يقولها لك بائع الخبز والحليب  وسائق السريفيس  ….

” معوضين ” في كل مكان … وفي كل مرة تمد بها يدك الى جيبك مهما كانت الليرات الخارجة ضئيلة ….

كنت أحياناً أقول في نفسي : هل هناك حقاً ما يعوضنا عن وطننا ؟ عن أشياء تركناها وكنا لانتخيل مجرد إمكانية الحياة من دونها … هل هناك حقاً ما يعوض أن يكبر أبنك في وطنه ؟! ….

رغم ذلك … كانت ” معوضين ” مثل دعاء يومي بأن يعوضنا الله .. وكان لوحده نوعاً من التعويض .. بأن تشعر أن هناك من يدعو لك بالعوض …

اليوم ، أقف لأهمس في إذن ” سوريا ” كلها ..” معوضين ” …..معوضين يا غالية  يا وفية  يا أصيلة ….

” معوضين ” يا من وقفت وحدك  ، بعد الله ، مع كل العرب … وتقفين الآن وحدك إلا منه عز وجل …

” معوضين ” وأنت تفقدين اليوم خير أبنائك و صباياك …وأنت تقدمين  “خلاصتهم ” في خلاصك الحاسم …

” معوضين ” أمام قوافل الشهداء …. وقوافل المهجرين … وقوافل المعذبين .. واليتامى …و الآرامل …

” معوضين ” أقولها لك … وأنا أعرف بأن العوض قادم لا محالة … مثلما الفجر قادم لا محالة …ومثلما الجيل الذي سيجلب النور قادم لا محالة …

” معوضين ” يا حبيبة …. بغد أفضل و بسوريا أفضل و بمستقبل يستحق كل تلك التضحيات …..

أعرف فداحة الخسارة التي تصغر أمامها الكلمات …لذا لا أملك أمام وجعك النبيل ، و شموخك الحزين ،

إلا أن أقول …

” معوضين … معوضين ” !

 

اترك رد