الرئيسية » مقالات الطلبة » التقاليد هي من قتل سعدية !!

التقاليد هي من قتل سعدية !!

Avatar

التقاليد هي من قتل سعدية !!

اخلاص داود
يحكي ابن الجوزي فيقول: سمع عقيل بن علقمة المّري بنتاً له ضحكت ,وشهقت في آخر ضحكها ,فأخذ السيف وحمل عليها وهو يقول :(فرقت ,أنّي رجلٌ فروقٌ…من ضحكةٍ آخرها شهيق ).
فعلته هذه ولدت من مجموعة أفعال وسلوكيات متخلفة وظالمة دفعتها افكار الجاهلية والبداوة وبقيت فتية ومتداولة الى يومنا هذا كونها متجذرة فينا
وسميت بالعادات والتقاليد ,وبما ان العادات هي ما يكرره الناس ويعتادون عليه في المناسبات ,والتقاليد هي منظومة ثقافية اخلاقية يسيرعليها جيل لاحق على نهج جيل سابق وتقليده بأمور كثيرة ,والتمسك بهذه المنظومة والأخذ بها مغلفة وبما تحمله من ايجابيات وسلبيات دون فحص وتفكر وفهم وملاءمة احكامها لواقعنا الحالي وزماننا .
وما أشبه الماضي البعيد بحاضرنا القريب !!!
وما أشبه روح بنت عقيل المرّي بروح سعدية، الفتاة السمراء المراهقة يتيمة الأب والتي خطفت روحها في ثمانينات القرن الماضي ضمن مأرب الشرف والعرض ذنبها انها أعجبت بابن الجيران وجرفهاالحب، فنصب اولاد عمومتها القرويون السذج أنفسهم محكمة هم كانوا فيها القضاة والمحامين والمنفذين .
سندهم شائعات هنا وهناك من دون التحقق من مصداقية الاقوال, وصدر الحكم خاضع وفقاً لآعتبارات العرف والعادات والتقاليد.
ولكي تبقى (شواربهم )مرفوعة تلاعبها رياح الشرف والكرامة ,ذهبت سعدية مغدورة,لتقتل في اطراف المدينة بمنطقة مهجورة تحت خزان ماء كبير في ليلة سوادها كسواد عقولهم وقلوبهم .
خزان كبير وروح صغيرة!!!
لكن هذه العادات وتقاليد تمنح الفرد الأمان والاطمئنان والحرية وتضمن تماسكه مع المجتمع أذا كان أيجابياً, لو نظرنا مثلاً الى ما إعتاد عليه الاوربيين وساروا على نهجه، لوجدنا ان الرجال يعدون المرأة مسؤولة بشكل كامل عن تصرفاتها وعملها وأفكارها وأحلامها,لكنها حين تواجه اي اذى نفسي او جسدي مع حبيبها او اي شخص كان, فهم يحملونه المسؤولية نصفها او كلها وهذا الامر ينسحب على البنت او الاخت ووو…الخ
في حين تجدهم في المنطقة العربية يتعاملون مع المرأة على انها انسانة ضعيفة الشخصية مغلوبة على أمرها، ولا تستطع أن تتحمل المسؤولية، وعقلها اصغر من عقل الرجل,وعاطفتها تغلب عقلها .
وعندما يكتشف الأب او الزوج وو…مجرد سلوك انحرافي وقع بحقها,يجرمها وتصل العقوبة الى القتل احيانا,وفي الغالب لا يحاسب الجاني خوفاً من الفضيحة وتدفع المرأةالثمن لانها بإعتقادهم هي المسؤول الأول والأخير، وهي من سمحت لنفسها بهذا .
مجتمع غريب ومتناقض يفصل الامور كيفما يريد, وهذا أنتج شخصيتين مختلفتين تماماً الأولى أن الرجل يقيم علاقات غرامية كثيرة،ويتفاخر بها أمام الاصدقاء والاهل,والآخر أن المرأة مهما كانت مشاعرها صادقة تجاه من تحب،تبقى مبتورة ومشوشة فيها مخاتلات وخوف وأسرار وتأنيب ضمير وكذب.
ولا ننسى العادات الضارة مثل الخرافات والمعتقدات الدخيلة والشعوذة ,التي اسهمت بتفكك وتهرء المجتمع وجعله متآكلا ومختلا وما من شيء لديه واضح ,انه مجتمع يتأرحج بين الجاهلية والبداوة والمدنية دون ان يقف على ارض واضحة ,دون ان يشعر الانسان فيه بصدق انه جاء الوقت الذي عليه ان يتعامل مع اخيه الانسان تحت ضوء التكافيء والحقوق المشتركة والمدنية المتحضرة على وفقا لتطور الحضاري الانساني الثقافي والعلمي الذي لم يتحمل ابداً الكثير الكثير من وحشية وخزعبلات وخرافات العصور الغابرة.

اترك رد