كربلاء عبر التاريخ

أ.د عباس التميمي

كما هو معروف لدى أصحخاب الاختصاص أن نشأت المدن تكون باحد الاسباب وهي أما أن تكون دينية أو أقتصادية أو سياسية ، وكربلاء الحبيبة كان سبب أقامتها ووجودها هو السبب الاؤل وهو الديني ، فهي من حيث المو قع ، تقع في غربي نهر الفرات وجنوب غر بي بغداد ، وهي لم تكن وليدة موقعة الطف وانا تمددفي قدمها الى العهد البابلي القديم ، وسبب وجود السكان فيها يعود الى خصوبة أرضها ووفرة المياه فيها مما جعلها من المناطق الزراعية المهمة ،

أما في العهد الاسلامي الاؤل فقد تم ذكر كربلاء في كتاب الطبري في أحداث سنة 12هجرية من خلال النص الذي ذكره بقوله (( وخرج خالد ابن الوليد في عمل عياض بن غنم لأغاثته ، فسلك الفلوجة حتى نزل بكربلاء أياماً ” وهذه أول أشارة لكربلاء في هذا العهد ، ويؤكد ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان عن كربلاء حيث ذكر (( …أنه لما توجه سعد بن ابي وقاص الى المدائن وخاض بجنده نهر دجلة حتى عبروا وهرب يزدجرد الى أصطخر ( وهي مدينة من مدن فارس ) فأخذ خالد بن عرفطة مع جيشه فدخل كربلاء وتم تحريرها سنة 12هجرية ثم قسمها ، واتخذها مقرا لجيشه ”

ولكن أهالي كربلاء ثاروا بوجه خالد بن عرفطة بعد ذهاب خالد بن الوليد لتحرير الشام ، وفي سنة 14هجرية تم أعادتها الى الحضيرة الاسلامية .

وذكر لنا ياقوت الحموي أن الامام الحسين قد مرَّ في أرض كربلاء قبل أستشهاده مع والده واخيه(عليهم السلام) لقتال الخواج في النهروان  ، فقال لبعض أصحابه : ما تسمَّى هذه القرية وأشار الى العقر فقال له أسمها العقر ، فقال عليع السلام أعوذ باتلله من العقر ، فقال الامام الحسين عليه السلام ، نعوذ بالله من العقر ، ثم قال :/ ما اسم هذه الارض التي نحن عليها ، قالوا كربلاء فقال أرض كرب وبلاء .

وبعد أستشها الامام الحسين عليه السلام في سنة 61هجرية ، ذاع صيت  مدينة كربلاء ، وأصبحت قبلة القادمين اليها من كل مشارق الارض ومغاربها من زوار وتجار بل واصبحت متوسط الطرق التجارية ولكن لم يقم بها بناء ضخم بسبب متابعة بنو أمية للقادمين اليها وعدم القبول بالمكوث بها طويلاً فكان عبارة عن بيوتات مؤقتة تزال بعد غروب الشمس من عودة أهل القرى الى قراهم والعودة في الصباح لذلك الموضع الشريف , وبقيقت كربلاء على هذا المنوال الى مجيء الدولة العباسية ، التي هي الاخرى تخذت نفس التدابير القاسية بحق كربلاء والقبر الشريف ، فعندما وجدوا تهافت الناس الى كربلاء لاحياء ذكر الامام الحسين واصحابه عليهم السلام وقفوا بكل قوة وقساوة بوجه القادمين اليها ففي عهد هارون الرشيد منع الناس من الاستيطان حول القبر الشريف ولكن الناس استموا بالبناء والاستيطان ، وعندما تولى المتوكل سنة 247هجرية أمر بهدم القبر الشريف وهدم كل الدور الموجودة أنذاك ، ولم يكتفي بذلك بل أمر بحرث مكان القبر الشريف وزراعته لتضيع معالمه ، ومنع الناس من زيارة كربلاء ومن ظفر به يقتل ، وبعد ضعف الدولة العباسية عادت كربلاء من جديد ، بفضل من قدم أليها من بيت النبوة الطاهر من العلويين الذين فكوا الحصار عن كربلاء فقدمت الناس الى كربلاء وتزاحموا ، وكان أول علوي قدم اليها هو تاج الدين إبراهيم المجاب حفيد الامام موسى بن جعفر عليه البسلام وكان ذلك في حدود سنة 247هجرية ، فبنى الناس الدور واتخذت الاسواق وحل الامان في كربلاء .

في القرن الرابع الهجري كانت كربلاء مدينة عامرة بالسكان ، وقد أزداد عمرانها وتطورت وزاد عدد قاطنيها ، وذكر المستوفي القزوينير المتوفى 750 هجرية ، أن مساحة مدينة  كربلاء بلغت 2400متر مربع ، أما أبن بطوطة فقد أورد عن كربلاء من خلال رحلته وقد قدم اليها ، بأن لمدينة كربلاء محلتين هما محلة آل زحيق وتقع في الجانب الشمالي الشرقي من الحضرة الحسينية ، وتسمى الان بمحلة السلالمة وباب الطاق والمخيم ، والمحلة الاخرى هي محلة آل فائز وتقع في الجانب الشرقي والجنوبي من الحضرة العباسية وتسمى اليوم بمحلة باب بغداد وباب الخان ، وتتخللها المسالك والدروب وتنتشر فيها المساجد والمدارس والاسواق ، أما الجانب الغربي من الضريحين فكان رحبة واسعة تحدها من جهة الغرب البساتين والحقول .

 

 

اترك رد