
عندما كنت في سوريا أحتضنتني كلمة ” معوضين ” بشدة وخففت الشعور بالفقدان الذي لابد أن يشمل السوريين الذين غادروا وطنهم وبيوتهم ووظائفهم وكل ما كانوا قد بنوه في حياتهم السابقة وتعايشوا معه……
” معوضين ” يقولها لك سائق سيارة الأجرة الذي قد لا تراه بعدها ابداً بينما أنت تسلمهأجرته الضئيلة ، يقولها لك بائع الخبز والحليب وسائق السريفيس ….
” معوضين ” في كل مكان … وفي كل مرة تمد بها يدك الى جيبك مهما كانت الليرات الخارجة ضئيلة ….
كنت أحياناً أقول في نفسي : هل هناك حقاً ما يعوضنا عن وطننا ؟ عن أشياء تركناها وكنا لانتخيل مجرد إمكانية الحياة من دونها … هل هناك حقاً ما يعوض أن يكبر أبنك في وطنه ؟! ….
رغم ذلك … كانت ” معوضين ” مثل دعاء يومي بأن يعوضنا الله .. وكان لوحده نوعاً من التعويض .. بأن تشعر أن هناك من يدعو لك بالعوض …
اليوم ، أقف لأهمس في إذن ” سوريا ” كلها ..” معوضين ” …..معوضين يا غالية يا وفية يا أصيلة ….
” معوضين ” يا من وقفت وحدك ، بعد الله ، مع كل العرب … وتقفين الآن وحدك إلا منه عز وجل …
” معوضين ” وأنت تفقدين اليوم خير أبنائك و صباياك …وأنت تقدمين “خلاصتهم ” في خلاصك الحاسم …
” معوضين ” أمام قوافل الشهداء …. وقوافل المهجرين … وقوافل المعذبين .. واليتامى …و الآرامل …
” معوضين ” أقولها لك … وأنا أعرف بأن العوض قادم لا محالة … مثلما الفجر قادم لا محالة …ومثلما الجيل الذي سيجلب النور قادم لا محالة …
” معوضين ” يا حبيبة …. بغد أفضل و بسوريا أفضل و بمستقبل يستحق كل تلك التضحيات …..
أعرف فداحة الخسارة التي تصغر أمامها الكلمات …لذا لا أملك أمام وجعك النبيل ، و شموخك الحزين ،
إلا أن أقول …
” معوضين … معوضين ” !