أنف توماس فريدمان لم يشم طبخة ترامب

اخلاص داود
..توماس فريدمان الكاتب العالمي والصحفي النشط والمهم في نيوريوك تايمز والمؤلف لعدد من الكتب المتميزة, هذه الشخصية المشهورة التي يقال عنها انك لو اردت ان تعرف توجهات الادارة الامريكية عليك متابعة كتابته, فالذي ذكر من باب الهزل او ربما الجد ان لديه خط ساخن مع البيت الابيض لمتابعة الاخبار اول بأول, جعلنا لا نستبعد ان يوضع تحت أنامله شيك ابيض يضع الرقم الذي يعجبه حين يريد ان يكتب مقال عن موضوع او وضع سياسي, صاحب الاستشراف والحس العالي بعوائق المستقبل السياسي لكثير من الاوضاع, وعلى سبيل الذكر لا الحصر جملته التي قالها في بداية الربيع العربي ( بمجرد ان يتخلص المجتمع الشرق الاوسطي من الدكتاتورية الذي يحكمه فانه سيجد نفسه في سقوط حر إلى رواق المسجد).
هذا الكلام الذي كشفت صدقه ودقة وصفه الايام التي مر بها المجتمع العربي وما زلنا في دوامته, فعلا, فثمار الربيع العربي سقطت بأحضان المتعصبين والمتطرفين والمتأسلمين, عدا حبات تدحرجت على السلم لترتقي الى الديمقراطية وتسهم في وضع قوانين وتشريعات كان الشارع العربي بحاجة أليها.
فريدمان هذه المرة خانه حدسه ولم يسعفه حتى الخط الساخن من البيت الابيض, ولم يشم طبخة ترامب ذات الخلطة الغريبة ولم يتوقع ان الافكار التحيزية التي اعلنها ترامب ضد الكثير من القضايا سواء في العالم او في اميريكا كالعرق, والدين, والمهاجرين, وأسلوب الفظاعة والتحدي التي استخدمها, قد غازلت الروح الامريكية الخفية التي تبحث عن المصلحة فوق اكتاف المعقول والمفروض والمقدس, بعد ان كان مرفوض من قبل الكثير, وفي الوقت الذي تكلم بثقة واطمئنان قبل ليالي من فوز ترامب معولا على الاميريكيين الذين سيسحقون ترامب في صناديق الاقتراع,في مقاله(دونالد ترامب الغريب عن كل ماهو عظيم ) ومحذرا مما سيفعله ترامب بعد خسارته, اخذت الاصوات تنجذب نحو صناديق ترامب!.
يمكن انه لم يفهم الشخصية الامريكية صاحبة الانفاس المتعددة بعمق, فهو من اؤلئك الذين تغرست بهم سمات الشخصية الانكلو سكسونية الذين يميلون الى الخط الواضح والمدروس والحلول المستدامة وثقافة القوة,وشب على انتخاب رؤساء ذات شخصية متوازنة لا غبار عليه وصاحبة رؤية شاملة لجميع تطلعات الاميريكيين وطموحاتهم ومنهج عملي يخدمهم, لهذا كتب بعد اقتراب ترامب من الفوز: “نقترب من نقطة الانهيار”.

اترك رد